فصائل اللغات وخواص كل فصيلة منها وما بينها من صلات

الباب الأول

المقدمة
حاول كثير من علماء اللغة أن يرجع اللغات الإنسانية -بعد أن تَمَّ تفرعها تحت تأثير العوامل السابق ذكرها في الفصل السابق- إلى فصائل عامة, وقد اختلفت وجهات نظرهم بهذا الصدد اختلافًا كبيرًا.
فبعضهم نظر إلى الموضوع من ناحية التطور والارتقاء، فقسَّم اللغات الإنسانية إلى ثلاث فصائل تختلف أفراد كلٍّ منها عما عداها في درجة رقيها، وتمثل كل منها مرحلة خاصة من المراحل التي اجتازها الكلام الإنساني في سبيل تطوره.
وأشهر نظرية بهذا الصدد هي نظرية شليجيل التي تقسّم اللغات من هذه الناحية إلى ثلاث فصائل: "اللغات غير المتصرفة أو العازلة", "وتشمل الصينية والسامية والبرمانية والتبتية ... إلخ"، و"اللغات اللصقية أو الوصلية" "وتشمل التركية والمنغولية والمنشورية واليابانية ولغات الباسك ... إلخ"، و"اللغات المتصرفة أو التحليلية" "وتشمل الفارسية والهندية واللاتينية والإغريقية والجرمانية والعربية والعبرية ... إلخ"
وبعضهم قطع النظر عن موضوع التطور والارتقاء، وقسّم اللغات الإنسانية إلى فصائل يجمع أفراد كل فصيلة منها صلات قرابة لغوية؛ فتتفق في أصول الكلمات, وقواعد البنية, وتركيب الجمل ... وما إلى ذلك, ويتكون من الأمم الناطقة بها مجموعة إنسانية متميزة، ترجع إلى أصول شعبية واحدة أو متقاربة, وتؤلف بينها طائفة من الروابط الجغرافية والتاريخية والاجتماعية.
وأشهر نظرية قسمت اللغات على هذه الأسس هي نظرية مكس مولر Max Muler, التي ترجع جميع اللغات الإنسانية إلى ثلاث فصائل: الفصيلة الهندية-الأوربية، والفصيلة السامية-الحامية، والفصيلة الطورانية وسنتكلم على كل فصيلة منها على حدة فيما يلي:













الباب الثاني
فصائل اللغات وخواص كل فصيلة منها وما بينها من صلات
‌أ.     الفصيلة الأولى: الهندية الأوربية   Langues lndo-Europeennes
تشمل هذه الفصيلة ثمان طوائف من اللغات، وهي:
1.    اللغات الهندية-الإيرانية"، أو"اللغات الآرية" وتشمل شعبتين:
إحداهما شعبة اللغات الهندية (السنسكريتية Sanskrit البراكريتية Prakrit، اللغات الهندية الحديثة Langues Neo-lndouesإلخ").
والأخرى شعبة اللغات الإيرانية (الفارسية القديمة Vieux perse والأفستية, والزند أفستية Avestique et zend-Avestique,  وهي لغة الأسفار المقدسة المسماة الأفستا (الأبستاق)، وشروحها المسماة الزند -أفستا، والبهلوية Pehlvi، والفارسية الحديثة Neo-Persan، والكردية Kurde، والأسيتية Ossete، وهي لغة الأسيتيين Ossetes, وهم سكان القوقاز الأوسط، والأفغانية أو البشتو ... وهلم جرا).
2.   اللغات الأرمنية    Langues Armeniennes
3.    "اللغات الإغريقية"، وتشمل اللغات اليونانية القديمة، وأشهر هذه اللغات: اليونية-الأتيكية، والدورية. وتشمل كذلك اللغات اليونانية التي تكونت في القرون السابقة للميلاد, وقامت على أنقاض اللغات اليونانية القديمة، واشتهرت عند علماء اللغة باسم: "اليونانية الحديثة". وتشمل كذلك اللغات اليونانية في العصر الحاضر.
4.    "الألبانية".
5.    "اللغات الإيطالية" (وتشمل الأسكية Osque ، والأمبرية-السمنية Ombrien-Samnite واللاتينية، واللغات الرومانية Langues Romanes, وهي المتفرعة من اللاتينية؛ كالفرنسية والبرتغالية والإيطالية والأسبانية ولغة رومانيا ... إلخ).
6.    "اللغات السلتية" أو "الكتية"  Langues Celtique (التي كانت لغات شعوب السلت أو الكلت Les Celtes. وقد طغت عليها الآن اللغات الفرنسية والإنجليزية والأسبانية، ولكن بقي بعض أشكال منها في كثير من اللهجات المحلية بإيرلندا وويلز ومنطقة البريتون Bretagne بغرب فرنسا).
7.    اللغات الجرمانية" Langues Germaniques وتشمل ثلاث شعب:
أولاها: شعبة اللغات الجرمانية الشرقية, وهي اللغة الجوتية Gotheque "وهي لغة قبائل الجوث Goths وهو شعب قديم كان يسكن جرمانيا الشرقية.
وثانيتها: شعبة اللغات الجرمانية الشمالية، وهي لغات أيسلندا والدانيمرك والسويد والنرويج.
وثالثها: شعبة اللغات الجرمانية الغربية، وتشمل الإنجليزية-السكسونية، والإنجليزية الحديثة، والهولاندية، واللغات الفلامندية "لغة مقاطعة الفلاندر ببلجيكا, ويتألف من هذه اللغة مع اللغة الهولندية فرغ لغوي واحد يسمى فرع اللغات النئر لاندية"، واللغات الألمانية ... إلخ.
8.    "اللغات البلطيقية السلافية" وتشمل شعبتين:
إحداهما: شعبة اللغات البلطيقية, وهي الليتوانية Lituanienne "لغة ليتوانيا Lituanie" والليتونية Lette "لغة ليتونيا Lettonie أو لاتقيا Latvia" والبروسية القديمة .
والأخرى شعبة اللغات السلافية أو الصقلية, وهي السلاقية القديمة، والروسية، والبولونية، والتشيكية، والسربية -الكرواتية والبلغارية الحديثة.
ومن هذا يظهر أن اللغات الهندية-الأوربية هي أكثر اللغات الإنسانية انتشارًا؛ إذ يتكلم بها الآن جميع سكان أوربا والأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا, ما عدا بعض جماعات قليلة بأوروبا تتكلم البسكية أو الفينية أو المجرية أو التركية ... وما إلى ذلك، وما عدا السكان الأصليين للأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا الذين انقرض معظمهم ولم يبق منهم الآن إلّا عدد يسير آخذ في الانقراض، ويتكلم بها كذلك قسم كبير من سكان آسيا "الهند، فارس، أفغانستان، الكردستان، القوقاز الأوسط، أرمينيا ... إلخ"
والشعوب الناطقة بهذه الفصيلة هي أرقى الشعوب حضارة في العصر الحاضر، وأعظمها نشاطًا، وأكبرها شأنًا، وأكثرها إنتاجًا في مختلف فروع الحياة، وأجلَّها أثرًا في الحضارة الإنسانية الحديثة.
ويرجع الفضل في انتشار هذه الفصيلة إلى عوامل كثيرة أهمها الغزو والاستعمار, فعلى أثر غزو الآريين للهند انتشرت لغاتهم في هذه البلاد, وقضت على لغات السكان الأصليين -لم يبق من هذه اللغات إلّا آثار ضئيلة, سنعرض لها في أثناء كلامنا في الفصيلة الثالثة، وعلى أثر استعمار الأوربيين للأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا انتقلت إلى هذه المناطق اللغات الإنجليزية والأسبانية والفرنسية والبرتغالية.
أما المواطن الأول لهذه الفصيلة فلا نكاد نعرف شيئًا يقينيًّا عنه، وقد ذهب العلماء بصدده مذاهب كثيرة تعتمد في معظم نواحيها على الحدس والتخمين, وفي نواحٍ أخرى على حجج ضعيفة لا يطمئن إلى مثلها التحقيق العلمي؛ فمن قائلٍ أنها نشأت بأوربا الشرقية بالمناطق الروسية؛ ومن قائلٍ أنها نشأت بمناطق بحر البلطيق.
‌ب. الفصيلة الثانية: الحامية – السامية Chamitw-Semitiqes Lagues
وتشمل هذه الفصيلة مجموعتين من اللغات: إحداهما مجموعة اللغات السامية، وثانيتهما مجموعة اللغات الحامية.
أما مجموعة اللغات السامية، فتنتظم طائفتين:
1.    اللغات السامية الشمالية، وتشمل اللغات الأكادية Accadien, أو الآشورية البابلية  ssyro-Babyloiennes، واللغات الكنغانية -العبرية والفينيقية، واللغات الآرامية
2.   اللغات السامية الجنوبية وتشمل العربية5 واليمنية القديمة، واللغات الحبشية السامية.
وأما مجموعة اللغات الحامية فتنتظم ثلاث طوائف:
1.    اللغات المصرية، وتشمل المصرية القديمة والقبطية.
2.   اللغات الليبية أو البربرية، وهي لغات السكان الأصليين لشمال أفريقيا -ليبيا وتونس، والجزائر، والمغرب، والصحراء، والجزر المتاخمة لها- فتشمل اللغات القبيلية Kabyles والشاوية Chaouia -اللغات القديمة لسكان الجزائر- والتماشكية Tamachek -وهي اللغات القديمة لقبائل التوارج Touareg وهي قبائل رحالة بصحراء المغرب- واللغات الشلحية أو لغات الشلحا، أو لغات أهل الشلوح  chellouh -لغات السكان الأصليين لجنوب المغرب- ولغات زناجة Zenaga -لغات السكان الأصليين لجنوب المغرب- ولغات زناجة Zenaga واللغات الجونشية Guanche -لغات السكان الأصليين لجزر قناريا Canaries بالمحيط الأطلانطيقي، في الشمال الغربي من الصحراء الكبرى- ... وهلم جرا.
3.    اللغات الكوشيتية Couchitiques وهي لغات السكان الأصليين للقسم الشرقي من أفريقيا المحصور بين درجة العرض الرابعة جنوب خط الاستواء وحدود مصر, ما عدا المناطق الحبشية الناطقة بلغات سامية, والتي تقدَّم ذكرها في المجموعة الأولى, وما عدا بعض المناطق السودانية, وما إليها التي سيأتي ذكر لغاتها في الفصيلة الثالثة، فتشمل اللغات الصومالية، ولغات الجالا، والبدجا، ودنقلة، والأجاو والأفار أو الساهو، والسيداما ... إلخ Somali, Galla, Bedja, Dankali, Agaw, Afar, ou Saho Sidama etc  ويتكلم باللغات الكوشية كذلك نحو ثلث سكان الحبشة.
ومن هذا يظهر أن المنطقة التي تشغلها الفصيلة الحامية-السامية أصغر كثيرًا من المنطقة التي تشغلها الفصيلة الهندية الأوروبية, فبينما الفصيلة الهندية الأوروبية تشغل أوروبا والأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا وقسمًا كبيرًا من آسيا، إذ الفصيلة الحامية-السامية لا تشغل إلّا بلاد العرب وشمال أفريقيا وجزءًا من شرقيها, إلى درجة عرض 4 جنوب خط الاستواء, فمنطقتها لا تتجاوز عشرين مليون كيلو مترًا مربعًا، بها قسم كبير صحراوي "ببلاد العرب وشمال أفريقيا"، وعدد الناطقين بها لا يتجاوز مائة وخمسين مليونًا، أي: نحو عشر سكان أوروبا وحدها, ولكنها تمتاز عن الفصيلة الهندية الأوروبية بأن منطقتها متماسكة الأجزاء لا يتخللها أي عنصر أجنبي.
ويتألف من الناطقين بها مجموعة شديدة التجانس, تتلاقى شعوبها في أصول واحدة قريبة، وتتفق في أساليب الحياة ونوع الحضارة والنظم الاجتماعية.
ويجمع بين اللغات السامية - المجموعة الأولى من هذه الفصيلة- كثير من الصفات المشتركة المتعلقة بأصول الكلمات والأصوات ومخارج الحروف وقواعد الصرف والتنظيم ... وما إلى ذلك, وقد قويت وجوه الشبه بين بعض أفردها حتى ليحسبها الباحث مجرد لهجات للغة واحدة.
أما مجموعة اللغات الحامية -المجموعة الثانية من هذه الفصيلة- فلا يوجد بين طوائفها الثلاث -المصرية، والبربرية، والكوشيتية- من وجوه الشبه والقرابة اللغوية أكثر مما يوجد بين كل طائفة منها ومجموعة اللغات السامية, فاعتبارها مجموعة متميزة هو مجرد اصطلاح لا يتفق في شيء مع حقائق الأمور.
‌ج.   الفصيلة الثالثة: اللغات الطورانية Langues Touraniennes
أطلق مكس مولر وبونسن Bunsen اسم "اللغات الطورانية" على طائفة من اللغات الأسيوية والأوربية التي لا تدخل تحت فصيلة من الفصيلتين السابقتين، كالتركية والتركمانية والمغولية والمنشورية والفينية, وهلم جرا، وتابعهما في ذلك كثير ممن جاء بعدهما.
فاللغات الطورانية ليست إذن فصيلة بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، أي: مجموعة ترجع إلى أصول واحدة, ويجمع بين أفرادها صلات تشابه وقرابة, بل هي أمشاج من لغات لا يؤلف بينها إلّا صفة سلبية، وهي عدم دخولها في إحدى الفصيلتين السابقتين، هذا إلى أن القائلين لها لم يدخلوا تحتها جميع اللغات الإنسانية الخارجة عن الفصيلتين المذكورتين، بل قصروها على طائفة منها, وهي بعض اللغات الأسيوية والأوروبية.
وأحدث نظرية بهذا الصدد هي النظرية التي ذهبت إليها "جمعية علم اللغة بباريس" Societe de Linguistique de Paris في موسوعتها "لغات العالم" Les Languesdu Monde إذ قسمت، على الأسس السابق ذكرها، جميع اللغات الإنسانية الخارجة عن الفصيلتين الحامية - السامية، والهندية -الأوربية, إلى تسع عشرة فصيلة, وهي:
1.    فصيلة اللغات اليابانية
2.   فصيلة اللغات الكورية Coreen" "لغات سكان شبه جزيرة كوريا التي كانت تابعة لليابان, والواقعة بين اليابان والبحر الأصفر
3.    لغة الأينو، La Langue Ainou ويتكلم بها الآن نحو ثلاثين ألفًا من سكان جزيرة هوكادو Hokkado, وجزيرة ساخالين Shakhaline, وجزيرة شيكوتان Shikhotan "وكلها كانت تابعة لليابان، والجزيرتان الأخيرتان تابعتان الآن لروسيا، وأما هوكادو فهي واحدة من جزر أربع تعد أكبر الجزر التي تتألف منها اليابان.
4.    فصيلة اللغات الصينية - التبتية: وتشمل اللغات الصينية الأصلية ولهجاتها، والتبتية Tibetain والبرمانية Birman , والسامية Siamois "لغة سيام".
5.    فصيلة اللغات الأسترالية الأسيوية: التي يتكلم بها القسم الأسيوي الجنوبي المنحدر إلى أستراليا، وتطلق على ثلاث شعب؛ شعبة اللغات الأنامية -لغة سكان أنام من الهند الصينية، وشعبة اللغات الموندية Langues Mounda, أو الكولارية kolariens, من أقدم لغات الهند، بل من أقدم اللغات الإنسانية جميعها، ويتكلم بها الآن نحو مليون نسمة من الهنود، ومنطقتها في الجزء الجنوبي من الهند، وشعبة اللغات المونكهمريا Les Mon-khmer "ويدخل فيها المنية Le Mon, والكهمرية Khmer أو الكمبدجية Cambodgien والتشامية Tcham, ويتكلم بهذه اللهجات بمنطقة أسام. Assam وما إليها.
6.    فصيلة اللغات الدرافيدية Dravidienne: لغات بعض الشعوب التي كانت تقطن جنوب بلاد الهند قبل أن يهاجر إليها الآريون, وتشمل التامولية Tamoul والكانارية Kanarais وغيرهما.
7.    فصيلة اللغات القوقازية الشمالية؛ وتشمل السامورية Samourien والأرتسية Artsi والأديغية Adeghe.. وغيرها.
8.    فصيلة اللغات القوقازية الوسطى؛ وتشمل الجيورجية Georgien واللازية Laze.. وغيرها.
9.    فصيلة اللغات الأسيوية القديمة: Langues propres de l Asie anterieure ancienne - يطلق هذا الاسم في عرف علماء اللغة على لغات آسيوية قديمة غير سامية ولا هندية - أوروبية، كان يتكلم ببعضها في مملكة ميزوبوتاميا Mesopotamie -مملكة قديمة كانت تقع بين دجلة والفرات- وببعضها في آسيا الصغرى, وفي المناطق المتصلة من حوض البحر الأبيض المتوسط, وفي بعض أجزاء من إيطاليا
10.  فصيلة اللغات التركية والمغولية والمنشورية.
11.  فصيلة اللغات الفينية Fiois والأجرية Ougriennes والسامويدية Samoyedes "ويتكلم بهذه اللغات في الحوض الأوسط لنهر الفولجا Volga", ويدخل في الفينية اللغات الفنلندية والأستونية والبلغارية القديمة وغيرها
12. لغة الباسك Basque, أو الأسكارا Euskara, ويتكلم بها الباسكيون، وهو شعب يقطن منطقة جبال البرانس الغربية في العدوتين الأسبانية والفرنسية، بمناطق بيسكاي Biscaye وألافا Alava وجويبوزكوا Guipzcoa ونافار Navare "بأسبانيا"، وبمناطق بيون Bayonne وموليون Mauleon بفرنسا
13.  اللغات الهيبيربورية Heperboreennes أو لغات أقصى الشمال، وهي لغات سيبيريا وما إليها من أقاليم المنطقة المتجمدة الشمالية, وتشمل هذه الفصيلة اللغة اليوكاجيرية Youkagir التي يتكلم بها في القسم الغربي من هذه المنطقة، والتشوكتشية Tchouktcho التي يتكلم بها نحو عشرة آلاف يقطنون سيبيريا شمالي نهر أنادير Anadyr، والكورياكية Kotyak التي يتكلم بها في المنطقة المحصورة بين نهر أنادير وشبه جزيرة كمتشاتكا Kamtchatka والكمتشادالية Kamtchadal التي يتكلم بها نحو ألفين يقطنون شبه جزيرة كمتشاتكا وجزر كوريل Kouriles، والجيلياكية Guiliak التي يتكلم بها في شمال جزيرة ساخالين Sakhaline وفي الحوض الأدنى لنهر آمور Amour.
14.  اللغات الملايوية - البولينيزية Malayo-Polynesiennes, ويتكلم بهذه الفصيلة في طائفة كبيرة من جزر المحيطين الهندي والهادي, تبدأ شرقًا بجزيرة مدغشقر -40 درجة طول شرقي باريس- وتنتهي غربًا بجزيرة باك Paques (110درجة طول غربي باريس)، وتمتد من درجة عرض 50 جنوب خط الاستواء إلى درجة عرض 30 شمالية؛ فمنطقة هذه الفصيلة تشغل نحو 210 درجات طول وثمانين درجة عرض.
وتشمل هذه الفصيلة خمس شعب لغوية وهي:
شعبة اللغات الأندونيسية lndonesiennes، وهي التي يتكلم بها بجزر أندونيسيا: جزر الفيليبين، وسيليب، وبرنيو، وجاوة, وسومطرة، ومادورا، ومدغشقر ... إلخ.
وشعبة اللغات الميلانيزية Melanesiennes، وهي التي يتكلم بها في جزر ميلانيزيا "جزر سليمان، وسانت كروز، وتوريس، وهابريد الجديدة، ولويالتي، وفيدجي ... إلخ".
وشعبة اللغات الميكرونيزية Micronesiennes، وهي التي يتكلم بها في جزر ميكرونيزيا "جزر جلبرت، ومرشال، وكارولين، وماريان ... إلخ".
وشعبة اللغات البولينزية Polynesiennes, وهي التي يتكلم بها في جزر بولينزيا "جزر ساموا، وكوك، وتاهيتي أو جزر الشركة، وبوموتي، وتونجا، ومنجاريفا، وباك، وزيلندا الجديدة ... إلخ".
وشعبة لغاب البابو Langues Papoues، وهي اللغات التي يتكلم بها في غينا الجديدة Nouvelle Guinee والجزر المجاورة لها.
15.  لغات سكان أستراليا الأصليين.
16.  اللغات الأمريكية: ويتكلم بها سكان أمريكا الأصليون -الهنود الحمر ومن إليهم- وكان يبلغ عددهم حينما كشفت أمريكا حوالي 40 مليونًا -أي: بنسبة ساكن واحد تقريبًا في كل كيلو متر مربع- ثم أخذ عددهم يتناقص شيئًا فشيئًا حتى هبط في أوائل القرن العشرين إلى حوالي 15.5 مليونًا -أي بنسبة ساكن واحد في كل 2،5 كيلو متر مربع، منهم نحو نصف مليون في الوليات المتحدة وجرونلاند، ونحو 6،5 مليون في المكسيك وأمريكا الوسطى "هوندراس وكوستاريسا، وبنما، ونيكاراجا، وجواتيمالا، وسلفادور"، ونحو 8،5 مليونًا بأمريكا الجنوبية.
17.  لغات السودان وغانة وهي لغات غير سامية ولا حامية, تتكلم بها جماعات كثيرة من سكان السودان, وخاصة السودان الجنوبي وسكان غانة.
18.  اللغات البنطوية Langues Bantou, ويتلكم بها سكان القسم الجنوبي من أفريقيا, في منطقة واسعة على شكل مثلث ينطبق رأسه على رأس الرجاء الصالح، ويمتد ضلعه الأيمن على الساحل الشرقي لأفريقيا حتى بلاد الصومال1, وضلعه الأيسر على الساحل الغربي حتى مدينة دوالا Douala ببلاد الكمرون.
19.   لغات البوشيمان والهوتنتوت والنيجريين Boschimans Hottentotes Negrilles, وهي من القبائل الأفريقية الجنوبية, تقطن أولاها الغابات الاستوائية والمناطق الصحراوية، ولا يتجاوز عدد أفرادها الآن خمسين ألفًا، وتقطن ثانيتها منطقة محصورة بين خط عرض 24 جنوب خط الاستواء، والحوض الأدنى لنهر الأورانج وبعض أجزاء من مستعمرة الكاب، ولا يتجاوز عدد أفرادها الآن ربع مليون يتألف معظمهم من عشائر الناما Nama، وتتألف ثالتثها من أقزام يقطنون الغابات الأستوائية.
د‌.   بعض ما تختلف فيه الفصيلتان السامية, والهندية – الأوربية
تمتاز كلٌّ من هاتين الفصيلتين عن الأخرى بخواص كثيرة، من أهمها ما يلي:
1.               تألف أصول الكلمات، في اللغات السامية في الغالب من ثلاثة أصوات ساكنة -أحرف ساكنة- مختلفة؛ ففي اللغة العربية مثلًا ترجع جميع الكلمات التي فيها معنى القتل، إلى أصل ثلاثي مؤلف من ثلاث أصوات ساكنة مختلفة هي قْ تْ لْ.
ولا يشذ عن هذه القاعدة إلّا بعض الحروف والضمائر وبعض أسماء الشرط والموصول, وقليل من أسماء الذوات "يد، دم" ومن الأفعال "قال، وعد، تم، رد"
وهذه الأصول لا توجد مستقلة في اللغات السامية؛ فالأصل الدال على معنى القتل في اللغة العربية مثلًا وهو قْ تْ لْ لا يوجد مستقلًّا في هذه اللغة، بل لا يمكن النطق به.
ويشير الأصل في الكلمة الهندية - الأوروبية إلى معناها العام, أما ما عدا ذلك فيشار إليه بالعلامات الآتية.
أ‌.      أصوات تلحق الأصل فتدل على نوع الكلمة "كونها اسمًا أو فعلًا أو حرفًا اسم فاعل أو مفعول ... إلخ" وتسمى هذه الأصوات "باللاحقة" suffixe وأصل الكلمة مع لاحقتها يسميان مادة الكلمة Theme.
وقد يتصل بالأصل أكثر من لاحقة واحدة للدلالة على عدة معانٍ في الكلمة من هذا القبيل, وقد تعرو الكلمة من اللواحق، ولكن تجردها منها يشير هو نفسه إلى معنًى خاصٍّ فيها.
ب‌.  أصوات تأتي عقب اللاحقة، فتختتم بها الكلمة لتعيين وظيفتها في الجملة "كونها فاعلًا أو مفعولًا أو مضافًا إليه.. إلخ" وزمنها "ماضيًا أو مضارعًا ... إلخ" ونوع إسنادها "كونها مسندة إلى المتكلم أو المخاطب أو الغائب ... إلخ" ودلالتها على مذكر أو مؤنث، مفرد أو مثنى أو جمع ... وهلم جرا. وتسمى هذه الأصوات "بالخاتمة" Desinence.
ولا يلحق الأصل أكثر من خاتمة واحدة, وقد تتجرد الكلمة من "الخواتم"، ولكن تجردها يشير هو نفسه إلى معنى خاص فيها, فتجرد الفعل مثلًا من الخاتمة يدل في بعض اللغات الهندية - الأوروبية "ومنها الإنجليزية والفرنسية" على أمر مسند للمفرد المخاطب. Aime Love.
وقد تتجرد الكلمة من اللاحقة والخاتمة, فيبقى الأصل عاريًا من كل زيادة, ولكن تجرده هذا يدل هو نفسه على معنًى خاصٍّ فيه.
ت‌.  أصوات تسبق الأصل فتلصق بالكلمة في مبدئها للدلالة على معانٍ من نوع المعاني التي تدل عليها الأصوات اللاحقة السابق ذكرها: وتسمى هذه الأصوات "بالسابقة" prefixe
ث‌.  أصوات لين طويلة أو قصيرة تلحق جميع أصوات الأصل أو بعضها على نحو ما تقدم شرحه في اللغات السامية.
ج‌.    شكل النطق بمختلف أجزاء الكلمة؛ ففي بعض اللغات الهندية - الأوروبية يتغير معنى الكلمة بتغير طريقة النطق بأجزائها؛ ففي الإنجليزية مثلًا تتردد بعض الكلمات بين الاسمية والفعلية تبعًا لطريقة النطق بها، فإذا ضغط في النطق على جزئها الأول كانت اسمًا, وإذا ضغط على جزئها الأخير كانت فعلًا.
و موقع الكلمة في الجملة؛ ففي بعض اللغات الهندية - الأوروبية لا يتميز الفاعل من المفعول إلّا بتقديمه في الجملة
2.              وتختلف اللغات الهندية - الأوروبية في مبلغ استخدامها لهذه العلامات الست؛ فمن اللغات الهندية - الأوروبية ما يستخدم جميع هذه العلامات، ومنها ما لا يستخدم إلّا بعضًا، ومنها يستخدم بعضها بكثرة ولا يلجأ لبعضها الآخر إلّا نادرًا. وإليك مثلًا العلامات التي سميناها "السابقة" "رقم جـ": فهي لا توجد في كثير من اللغات الهندية - الأوروبية القديمة، على حين أنها تكثر في الحديثة منها؛ كالإنجليزية والفرنسية وما إليهما Understand Comprindre.
لا تكاد توجد في اللغات السامية كلمات تشتمل على أكثر من أصل واحد، على حين أن هذا النوع يكثر في اللغات الهندية - الأوروبية، وبخاصة الحديث منها, وكل كلمة من هذا القبيل تدل على معنًى مركب من معاني الأصول التي تشتمل عليها.
3.               ليس للفعل في معظم اللغات السامية إلّا زمنان: فعل انتهى زمنه "ماضٍ"؛ وفعل لم ينته زمنه "مضارع للحال أوالاستقبال وأمر"، على حين أن له في اللغات الهندية - الأوروبية أزمنة كثيرة لكل منها صيغة خاصة: الماضي القريب، الماضي البعيد، الماضي الكامل، الماضي المتصل بالحاضر، المستقبل..إلخ. وقد بلغت هذه الأزمنة في اللغة












الباب الثالث
النتائج
بعد أن بحثنا عن فصائل اللغات فوجدنا أن جميع اللغات الإنسانية ترجع إلى ثلاثة فصائل وهي:
‌أ.      الفصيلة الهندية الأروبية. ومن هذا يظهر أن اللغات الهندية-الأوربية هي أكثر اللغات الإنسانية انتشارًا؛ إذ يتكلم بها الآن جميع سكان أوربا والأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا, ما عدا بعض جماعات قليلة بأوروبا تتكلم البسكية أو الفينية أو المجرية أو التركية ... وما إلى ذلك، وما عدا السكان الأصليين للأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا الذين انقرض معظمهم ولم يبق منهم الآن إلّا عدد يسير آخذ في الانقراض، ويتكلم بها كذلك قسم كبير من سكان آسيا (الهند، فارس، أفغانستان، الكردستان، القوقاز الأوسط، أرمينيا ... إلخ).
‌ب.  والفصيلة السامية الحامية. ومن هذا يظهر أن المنطقة التي تشغلها الفصيلة الحامية-السامية أصغر كثيرًا من المنطقة التي تشغلها الفصيلة الهندية الأوروبية, فبينما الفصيلة الهندية الأوروبية تشغل أوروبا والأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا وقسمًا كبيرًا من آسيا، إذ الفصيلة الحامية-السامية لا تشغل إلّا بلاد العرب وشمال أفريقيا وجزءًا من شرقيها, إلى درجة عرض 4 جنوب خط الاستواء, فمنطقتها لا تتجاوز عشرين مليون كيلو مترًا مربعًا، بها قسم كبير صحراوي "ببلاد العرب وشمال أفريقيا"، وعدد الناطقين بها لا يتجاوز مائة وخمسين مليونًا، أي: نحو عشر سكان أوروبا وحدها, ولكنها تمتاز عن الفصيلة الهندية الأوروبية بأن منطقتها متماسكة الأجزاء لا يتخللها أي عنصر أجنبي.
‌ج.    والفصيلة الطورانية. هذا، ولما كانت هذه الفصائل التسع عشرة ممثلة للقسم البدائي أو الذي وقف نموه من لغات بني الإنسان، فأهميتها النسبية أقل كثيرًا من أهمية الفصيلتين السابقتين (الهندية - الأوروبية، والحامية - السامية)، ولما كان المقام من جهة أخرى، لا يتسع في عجالة كهذه الكلام عنها وعن خصائص كل منها؛ ولأن الباحثين، من جهة ثالثة، لم يصلوا بعد في دراسة معظمها إلى نتائج ذات بالٍ, لهذا كله آثرنا أن نقتصر على ما سبق ذكره بصددها، ونقف الجزء الباقي من هذا الفصل على تكملة البحث في الفصيلتين الهندية - الأوربية, والحامية -السامية.

0 comments:

Copyright © 2013. BloggerSpice.com - All Rights Reserved
Customized by: MohammadFazle Rabbi | Powered by: BS
Designed by: Endang Munawar