مفهوم علم المعاني و أقسامه

أ‌.               مفهوم علم المعاني و أقسامه

Oleh: Endang Munawar, M.Pd.I
أما المراد بعلم المعاني فهو علم يعلم به أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال[1]. فأحوال اللفظ هي الأمور التي تعرض له من التقديم والتأخير والتعريف والتنكير والذكر والحذف وإلى غير ذلك، ومعنى مطابقة الحال أن يكون اللفظ مطابقا لأحوال المخاطب، فقد يكون خالي الذهن عن الموضوع كلية وقد يكون شاكا في هذا الموضوع وقد يكون منكرا له تماما، وكل حالة من هذه الأحوال تقتضي طريقة معينة من التعبير تنطبق على حالة المخاطب (حسين، 1984 : 79). وقال الامام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطى (د.س : 30-31) علم المعاني وحده علم به قد تعرف أحوال لفظ عربىّ يؤلف مما بها تطابق لمقتضى حال وحدى سال ومرتضى. 
ومن خلال علم المعاني سنعرف وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التي يقال فيها، وأن القول لا يكون بليغا كيفما كانت صورته حتى يلائم المقام الذي قيل فيه، ويناسب حال السامع الذي ألقي عليه، قال العرب : لكل مقام مقال. وبجانب ذلك أن علم المعاني دراسة ما يستفاد من الكلام ضمنا بمعونة القرائن فإنه يريك أن الكلام يفيد بأصل وضعه معنى، ولكنه قد يؤدي إليك معنى جديدا يفهم من السياق وترشد إليه الحال التي قيل فيها[2]
من المعلوم أن علم المعاني هو علم من علوم البلاغة الثلاثة لمعرفة أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال، وعرفت أن دراسة علم المعاني تعين على تأدية الكلام مطابقا لمقتضى الحال مع وفائه بغرض بلاغي يفهم ضمنا من سياقه وما يحيط به من قرائن. وهناك عدة مباحث في علم المعاني منها :
1.              الخبر والإنشاء
ينقسم الكلام في علم المعاني إلى قسمين كلام خبري وكلام إنشائي. فالخبري هو ما يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب، فإن كان الكلام مطابقا للواقع كان قائله صادقا، وإن كان غير مطابق له كان قائله كاذبا[3]. وقال الدكتور عبد القادر حسين في فن البلاغة (1984 : 80) إنه ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، أي بقطع النظر عن الذي ينطق بالخبر سواء أكان مقطوعا بصدقه أو كذبه، وبقطع النظر عن الواقع، مثلا : قال أبو إسحاق الغزي : لولا أبو الطيب الكندي  ما امتلأت مسامع الناس من مدح ابن حمدان.
والأصل في الخبر أن يلقى لأحد غرضين:
        ‌أ-        إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة، ويسمى ذلك الحكم فائدة الخبر. مثلا : ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وأوحي إليه في سن الأربعين، وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشرا.
     ‌ب-     إفادة المخاطب أن المتكلم عالم بالحكم، ويسمى ذلك لازم الفائدة. مثلا : لقد نهضت من نومك اليوم مبكرا[4].
وقد يلقى الخبر لأغراض أخرى تفهم من السياق[5]، منها :
-       الاسترحام، مثلا : قال يحيى البرمكي يخاطب الخليفة هارون الرشيد: إن البرامكة الذين رموا لديك بداهيه # صفر الوجوه عليهم خلع المذلة باديه.
-       وإظهار الضعف، مثلا : قال الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام : رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴿ مريم : 4
-       وإظهار التحسر، مثلا : قال أحد الأعراب يرثي ولده : إذا ما دعوت الصبر بعدك والبكا أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر # فإن ينقطع منك الرجاء فإنه سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر.
-       والفخر، مثلا : قال عمرو بن كلثوم : إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدين.
-       والحث على السعي والجد، مثلا : كتب طاهر بن الحسين إلى العباس بن موسى الهادي و قد استبطأه في خراج ناحيته : وليس أخو الحاجات من بات نائما ولكن أخوها من يبيت على وجل. 
وله ثلاثة أضرب بالنظر إلى أحوال المخاطب وهي ابتدائي وطلبي وإنكاري. فالابتدائي أن يكون المخاطب خالي الذهن من الحكم، فلا يؤكد الكلام لعدم الحاجة إليه. نحو قولك : أخوك قادم. والطلبي أن يكون المخاطب مترددا في الحكم طلبالمعرفته فيستحسن تأكيد الكلام الملقى إليه، نحو : إنّ الأمير منتصر. والإنكاري أن يكون منكرا للحكم الذي يراد إلقاؤه إليه معتقدا خلافه فيجب تأكيد الكلام له، بمؤكد أو مؤكدين أو أكثر على حسب إنكاره قوّة وضعفا، نحو : إن الأمير منتصر، أو أن الأمير لمنتصر، أو والله إنه لمنتصر. ويكون التأكيد بأن وإن، ولام الابتداء، ونونا التوكيد، وأحرف التنبيه، و الحروف الزائدة، وقد، و أما الشرطية ( هدام بناء، د.س  : 17-18 ).
إذا ألقي الخبر خاليا من التوكيد لخالي الذهن، ومؤكدا استحسانا للسائل المتردد، و مؤكدا وجوبا للمنكر، كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظاهر. وقد يجري الخبر على خلاف ما يقتضيه الظاهر لاعتبارات يلحظها المتكلم[6]، ومن ذلك ما يأتي:
أ- أن ينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد إذا تقدم في الكلام ما يشير إلى حكم الخبر. كقوله تعالى : وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (هود : 37)
ب‌-      أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور إمارات الإنكار عليه. كقوله تعالى : ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (المؤمنون : 2)
ج‌-  أن يجعل المنكر كغير المنكر إن كان لديه دلائل وشواهد لو تأملها   لارتدع عن إنكاره. كقوله تعالى : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لبقرة : 63)
وأما الإنشاء لغة : الإيجاد، واصطلاحا: كلام لا يحتمل صدقا ولا كذبا لذاته، نحو اغفر- وارحم، فلا ينسب إلى قائله صدق - أو كذب. و إن شئت فقل في تعريف الإنشاء هو ما لا يحصل مضمونه ولا يتحقق إلا إذا تلفظت به فطلب الفعل في «أفعل» وطلب الكف في «لا تفعل» وطلب المحبوب في «التمنى» وطلب الفهم في «الإستفهام» وطلب الإقبال في «النداء» كل ذلك ما حصل إلا بنفس الصيغ الملتفظ بها (أحمد الهاشمى، 1960: 75). وينقسم الإنشاء إلى نوعين:  وهو إنشاء طلبي وإنشاء غير طلبي.
  ‌أ-        الإنشاء غير الطلبي ما لا يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب  ويكون : بصيغ المدح، والذم، وصيغ العقود، والقسم، والتعجب، والرجاء، ويكون بربّ ولعلّ، وكم الخبرية. واعلم أن الإنشاء غير الطلبى لا تبحث عنه علماء البلاغة، لأن أكثر صيغه في الأصل أخبار نقلت إلى لإنشاء.
‌ب-      فاالإنشاء الطلبي هو الذي يستدعى مطلوبا غير حاصل في اعتقاد
المتكلم وقت الطلب، وأنواعه خمسة: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء[7]. وإنما المبحوث عنه في علم المعاني هو  عن النهي  أى نوع من كلام الإنشاء الطلبى لما بممتاز به من لطائف بلاغته ومعانيه .




[1] عبد الرحمن الأخضري، دون سنة، الجوهر المكنون وشرحه أحمد الدمنهوري، شرح حلية اللب المصون، (أندونيسيا: الحرمين سنقافورة، دون سنة) ص 31
[2] علي الجارم، نفس المرجع، ص 262
[3]  علي الجارم، نفس المرجع، ص 139
[4]  علي الجارم، نفس المرجع، ص 144
[5]  علي الجارم، نفس المرجع، ص 147
[6]  علي الجارم، نفس المرجع، ص 146
[7] أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، (بيروت لبنان: دار الفكر، 2010) ص: 55

0 comments:

Copyright © 2013. BloggerSpice.com - All Rights Reserved
Customized by: MohammadFazle Rabbi | Powered by: BS
Designed by: Endang Munawar