طرق تدريس مادة قواعد اللغة العربية



ENDANG MUNAWAR, M.Pd.I
الباب الأول
المقدمة
أ‌.     التمهيد للمشكلة
القواعد النحوية والصرفية ليست غاية تقصد لذاتها ، وإنما هي وسيلة لضبط الكلام ، وتصحيح الأساليب ،وتقويم اللسان. وتعتبر مادة قواعد اللغة العربية أوالنحو مقياساً ينظم عملية التفكير ، ويضبط اللسان ، وينمي الخيال ، ويوسع المدارك. وبصورة عامة ، فإن اللغة لاتصح ولاتفهم قواعدها إلا باتباع مناهجها، وتطبيق مقاييسها، ولايستقيم اللسان، ولاينمو الخيال إلا بالتدريب الطويل على استعمال مبادئها وقواعدها في التعبير عن حاجات الإنسان في حياته اليومية الواقعية....

ويحقق تدريس القواعد والنحو جملة من الأهداف من أهمها:
1.    التحدث والكتابة دون أغلاط، وتنمية العادات اللغوية السليمة لدى الطلاب، وهذا هو الهدف الرئيس من وراء تعليم هذه المادة
2.   ضبط حركات مايُكتب وما يُلفظ ، فعن طريق النحو يُعصم لسان المرء من الخطأ النحوي، وينجو من النقد ، ويحسن تعبيره
3.    تفهم صيغ اللغة واشتقاقاتها وأوزانها، عن طريق تعليل القواعد النحوية والصرفية .
وهذه الأهداف لايحصل إلا باستخذام طرائق التدريس الجيدة. هذة الرسالة ستبحث عن طرائق تدريس قواعد اللغة العربية للحصول إلى الأغراض المرجوة.
ب‌. عناصر البحث
1.    طرائق  تدريس قواعد اللغة العربية
2.   خطوات السير في درس القواعد
3.    من أخطاء بعض المعلمين في تدريس القواعد
الباب الثاني
أساليب تدريس القواعد
أ‌.     طرق تدريس القواعد
هناك طرائق كثيرة لتدريس القواعد وسوف نقتصر في البحث على أربع طرائق.
أولا : الطريقة القياسية
وتسمى أحيانا طريقة القاعدة ثم الأمثلة تبدأ هذه الطريقة بعرض القاعدة ثم تعرض الأمثلة بعد ذلك لتوضيح القاعدة. ومعنى هذا إن الذهن ينتقل  فيها من الكل إلي الجزء. وتأتي فكرة القياس في هذه الطريقة من حيث فهم التلاميذ للقاعدة ووضوحها في أذهانهم ومن ثم يقيس المعلم أو التلاميذ الأمثلة الجديدة الغامضة على الأمثلة الأخرى الواضحة وتطبيق القاعدة عليها.
ومن عيوب هذه الطريقة:
1.    أنها تعود التلاميذ على الحفظ والمحاكاة العمياء
2.   عدم الاعتماد على النفس والاستقلال في البحث
3.    تضعف فيهم القدرة على ابتكار والتجديد
4.    أنها تبدا بالصعب وتنتهي بالسهل 0
5.    وقد هجرت هذه الطريقة بعد أن ثبت علميا أنها لا تكون السلوك اللغوي السليم لدى التلاميذ
ثانيا : الطريقة الاستنباطية  ( الاستقرائية )
وتقوم هذه الطريقة على البدء بالأمثلة تشرح وتناقش ثم تستنبط منها القاعدة وعليها بنى هاربرت خطواته الخمس المشهورة التي لا يزال العديد منا يعتمد عليها إلي اليوم وهي:
1.    المقدمة أو التمهيد
2.   عرض الأمثلة أو النص على السبورة أو على الورق مقوى وقراءة الأمثلة أو النص ومناقشة التلاميذ في معناها
3.    الموازنة وتسمى الربط أو المناقشة وتناول الصفات المشتركة والمختلفة بين الجمل وتشمل الموازنة بين نوع الكلمة وعلاقتها ووظيفتها وموقعها بالنسبة لغيرها وعلامة إعرابها
4.    استنباط القاعدة :  من خلال المناقشة والموازنة ويشترك في استخدامها المعلم والتلاميذ وتكتب على السبورة بلغة سهلة
5.    التطبيق على القاعدة وهذه الخطوة من الخطوات الهامة وينبغي أن تتنوع صور التطبيق  
ومن عيوب هذه الطريقة :
1.    إنها بطيئة التعليم
2.   قلة مشاركة التلاميذ في الدرس لان المعلم هو الذي يقدم للدرس ويوازن ويقارن بين اجزائة ويتولى صياغة الاستنتاج
3.    تركيزها على العقل دون الجوانب الأخرى
4.    تعطيل قدرات المدرسين في التجديد والابتكار
ثالثا : الطريقة الحوارية
وتقوم في جوهرها على المناقشة واستثمار خبرات التلاميذ السابقة لتوجيه نشاطهم  نحو تحقيق هدف معين. ولا بد أن يعد الأسئلة إعدادا جيدا ويراعى فيها الوضوح والتسلسل والترتيب وعدالة توزيعها على التلاميذ
ومن عيوب هذه الطريقة :
1.    أنها تستغرق زمنا طويلا
2.   تؤدي إلى الاستطراد والخروج عن الموضوع
3.    عدم قدرة بعض المعلمين على تنفيذها
رابعا :  الطريقة المعدلة
وتسمى طريقة النصوص التكاملية  وتسمى أيضا طريقة الأساليب المتصلة  وهي طريقة تكاد تجمع مزايا الطرق السابقة. تبدأ بعرض نص متكامل يحمل في طيا ته توجيها ويعالج النص كما تعالج موضوعات القراءة. حيث يقرأ التلاميذ النص قراءة صامتة ثم يناقشهم المعلم فيه ويعالج الكلمات الصعبة  ثم يقرا التلاميذ قراءة جهرية ثم تعالج هذه الأمثلة حسب الطريقة الاستقرائية معتمدا المعلم على الحوار في الانتقال من مثال إلي آخر حتى يستنتج التلاميذ قواعد الدرس فيصوغها المعلم بأسلوب سهل ويكتبها على السبورة
ولا شك إن هذه الطريقة تعطي المعلم فرصة تدريس القواعد من خلال موضوعات القراءة والأدب والتعبير وعن هذه الطريقة يتم مزج القواعد بالتراكيب والتعبير الصحيح والاستعمال والمران والتكرار حتى تتكون الملكة اللسانية 0 ونحن نرى إن تعليم القواعد وفق الطريقة يجاري تعليم اللغة نفسها. ونرى أنها الطريقة الفضلى لتحقيق الأهداف المرسومة للقواعد النحوية لأنه يتم عن طريقها مزج القواعد بالتراكيب وبالتعبير الصحيح المؤدي إلي رسوخ اللغة وأساليبها رسوخا مقرونا بخصائصها الإعرابية.
ب. خطوات السير في درس القواعد
وهي خطوات خمس تنسب إلي الفيلسوف الألماني يوحنا فردريك هربارت وهي خطوات سليمة وحيدة لا يمكن الاستغناء عنها
أولا : التمهيد
وهو البوابة التي يدخل منها كل من المعلم المعلم والتلميذ إلي الدرس والغرض منه جذب انتباه التلميذ وتركيزه لتلقى الموضوع الجديد وربط الموضوعات القديمة بالجديدة
ومن أساليب التمهيد هي:
1.   أسئلة في المعلومات السابقة المتصلة بالدرس الجديد. ويراعى المعلم أن يكون الأسئلة قليلة واضحة ومشوقة
2.  عرض الوسيلة المشوقة للدرس الجديد
3.   والمدرس الناجح هو الذي يعرف كيف يمهد الدرس تمهيدا جيدا ومشوقا 0
ثانيا :  العرض
وهو من أهم مراحل الدرس. ويعرض المعلم النص على ورق مقوى أو على السبورة أو عن طريق الكتاب ويطلب من التلاميذ قراءة النص قراءة صامتة ثم يناقشهم المعلم بعد ذلك ويعالج الكلمات الصعبة  ثم يطلب من أحد التلاميذ قراءة النص قراءة جهرية  وبعد ذلك يوجه المعلم إلي التلاميذ أسئلة في النص تكون إجابتها الأمثلة الصالحة للدرس 0 ثم يدون هذا الجمل على السبورة ويجب على المدرس في أثناء كتابة هذه الجمل أن يحدد الكلمات التي تربط بالقاعدة بان يكتبها بلون مخالف حتى تكون بارزة أمام التلاميذ ويجب عليه أيضا أن يضبط هذه الكلمات بالشكل ثم يوجه المعلم طلابه إلي النظر إلي هذه الكلمات ثم يبدا معهم مناقشتها
ثالثا : الموازنة والربط
وفيها يوازن المعلم بين الجزئيات أو الأمثلة ليدرك التلاميذ ما بينها من أوجه التشابه و الاختلاف ومعرفة الصفات المشتركة والخاصة تميدا لاستنباط الحكم العام 0( القاعدة ) وتشمل الموازنة: نوع الكلمة، المعنى الذي تفيده، ضبط أواخرها
والموازنة نوعان : 1- موازنة أفقية  2- موازنة راسية 0
أولا : الموازنة الأفقية، هي التي يقصد بها الموازنة بين كلمة أو أكثر في جملتين مختلفتين مثل : الجملة الاسمية مع الناسخ وبدونه : محمد مجتهد  - كان محمد مجتهدا 0 والجملة الفعلية في حالة البناء للمعلوم والبناء للمجهول : كسر خالد القلم  - كسر القلم -  وهكذا 000
ثالثا : الموازنة الراسية :  وهي نوعان :
1.    موازنة جزئية :  وهي الموازنة بين مثاليين متشابهين لإدراك الصفات المشتركة بينهما تمهيدا لاستنباط قاعدة : مثل الموازنة بين كلمتي ( مجتهدا وغزيرا ) في :  كان محمد مجتهدا  - كان المطر غزيرا
2.   موازنة كلية : وهي الموازنة بين طوائف الأمثلة لإدراك الصفات المشتركة والمختلفة بينها 0 وعلى المعلم أن يتتبع الأمثلة مثالا 0 وكلما كان المعلم متأنيا في موازنته أو تتبعه وصل إلي الهدف الذي يريد أن يصل إليه بيسر وسهولة 0 ويتوقف نجاح الدرس على مهارة المعلم في الموازنة بين الأمثلة وإدراك اوجه الربط بين المعلومات الجديدة وبين المعلومات القديمة التي مر بها التلاميذ من قبل
رابعا:  استنباط القاعدة :
إذا نجح المعلم في الخطوات السابقة سهل على طلابه الوصول إلي القاعدة والحكم العام 0 وعليهم أن يعبروا بأنفسهم عن النتيجة التي وصلوا إليها 0 ولا ينبغي أن يقوم المعلم باستنباط القاعدة دون إشراك التلاميذ أو يطالبهم بان يأتوا بالقاعدة نصا كما في الكتاب بل يكتفي منهم بعبارات واضحة مؤدية إلي المعنى وعلى المعلم أن يقوم بتصحيح عباراتهم 0 ثم يقوم المعلم بكتابة القاعدة على السبورة بخط واضح.
خامسا : التطبيق
وهو الثمرة العملية للدرس  وعن طريقة ترسخ القاعدة في أذهان التلاميذ ومن الخير ألا يسرف المعلم في شرح القاعدة واستنباطها بحيث تستغرق الحصة كلها في شرح القاعدة  بل يجب أن تنتقل المعلم إلي التطبيق بمجرد أن يطمئن إلي فهم الطلبة إياها والقواعد لا يكون لها الأثر المطلوب إلا بعد الإكثار من التطبيق  عليها ويراعى عند التطبيق :
1.    أن يتدرج من السهل إلي الصعب
2.   أن يكون القطع والأمثلة المختارة فصيحة العبارة  وسهلة التركيب
3.    أن تكون متنوعة 0 فلا تكون في الإعراب وحده وان تدعو التلاميذ إلي التفكير  بشرط ألا تصل إلي درجة التعجيز
4.    أن تكون الأمثلة والقطع خالية من التصنع والغموض وان تكون صلتها قوية بجوهر المادة.
‌أ.      والتطبيق نوعان :
1.    جزئي :  وهو باتي بعد كل قاعدة تستنبط قبل الانتقال إلي غيرها مثل التطبيق على جزم الفعل المضارع بعد لم
2.    كلي :  ويكون بعد الانتهاء من جميع القواعد التي شملها الدرس ويدور حول هذه القواعد جميعا 0 مثل التطبيق على جزم الفعل المضارع بعد أدوات الجزم المختلفة وذلك في درس جزم الفعل المضارع 0
ب‌.  والتطبيق أيضا نوعان :  شفوي وكتابي
1.    التطبيق الشفوي :وهذا النوع من التطبيق هو الذي يجب أن نكثر منه لنجعل مراعاة الطلاب لقواعد النحو راسخة كأنها تصدر عن سليقة وطبع.
ويكون  بكتابة أسئلة متنوعة على السبورة أو على بطاقات توزع على التلاميذ أو عن طريقة التدريبات الشفوية الموجودة في الكتاب ويطلب منهم الإجابة عما فيها.
كما يكون بتوجيه التلاميذ إلي مناقشة الأخطاء التي تقع منهم في دروس التعبير أو القراءة  والغرض من التطبيق الشفوي :
v   وقوف المدرس على مواطن الضعف في تلاميذه في علاجه 0
v    ترسيخ القاعدة في أذهان التلاميذ 0
v   تعويد التلاميذ النطق الصحيح والتعبير السليم يساعد في تشجيع التلاميذ ويشوقهم إلي درس القواعد ويحببها لهم 0 ويثير المنافسة بين جميع تلاميذ الفصل 0
2.   التطبيق الكتابي : أن يتعود الطلاب الاعتماد على النفس والاستقلال في الفهم والقدرة على التفكير والقياس والاستنباط
v   يربي في التلاميذ دقة الملاحظة وتنظيم الأفكار
v   يقف فيها المدرس على مستوى كل تلميذ بدقة
ج. من أخطاء بعض المعلمين في تدريس القواعد :
1.   عدم التزام المتعلم والتلاميذ باللغة العربية الفصحى في أثناء الدرس
2.  عدم مراعاة المعلم لمستوى التلاميذ الذهني والعلمي  فيخوض في تفصيلات يصعب فهمها
3.   أن يطلب المعلم من الطلاب حفظ  القاعدة
4.   قلة التدريبات الشفوية والكتابية
5.   أن يطلب المعلم من التلاميذ قراءة الإيضاح من الكتاب بعد أن ينتهي المعلم من الشرح مباشرة  والأفضل أن يستغل المعلم هذا الوقت بالتدريبات
6.    اكتفاء المعلم بالأمثلة التقليدية 0 التي لا تعطي ثروة لغوية ولا تذوقا أدبيا
7.   أن يطلب المعلم من التلاميذ كتابة الأمثلة والقاعدة في كراسة الفصل 0 والأفضل أن يستغل هذا الوقت للتدربيات
8.   أن يرسخ المعلم صعوبة القواعد في أذهان التلميذ
9.   الاقتصار على عدد محدود من الأمثلة ومحاولة الاستنباط القاعدة منها
10.                      أن يكون المعلم ملقيا فقط أو في غالب درسه وهو الذي يمهد ويعرض ويربط ويوازن ويستنتج والتلاميذ متلقون
11.                      عدم استخدام المعلم بالوسائل المتنوعة
12.                      عدم ربط القواعد بفروع اللغة العربية
13.                      الاكتفاء بالتدريبات الكتابية فقط دون الشفوية
14.                      عدم مطالبة التلاميذ بتصويب الخطأ شفويا أو كتابيا
15.                      عدم ملاحقة المعلم لتصويب الخطأ وعدم إعطاء التلاميذ فرصه للتصويب
16.                      عدم عدم متابعة المعلم لتصويب أخطاء تلاميذه  إذا صوبوا 
17.                      عدم التمهيد  للدرس   والتشويق له
18.                      عدم اهتمام المعلم بالتطبيق الجزئي
19.                      عدم الاهتمام بإعداد الدرس جيدا 0










الملحقات الرسالية:
أ‌.      أمثلة القواعد التي تقوم على الطريقة القياسية الموجودة في كتاب  إيضاح المقدمة الآجرومية لفضيلة الشيخ : صالح الأسمري:

يقول الْمُصَنِّف - يرحمه الله - (باب التوكيد)

يتعلق به شيئان :
أولهما : تعريفه :
وهو لغة : من أكَّدَ يؤكِّد تأكيداً وتوكيداً إذا قوّاه وشدَّدَ فيه .
وأما في الاصطلاح : فالتوكيد هو التابع المقوِّي لمتبوعه .
وأما الثاني : فهو أن التوكيد قسمان :
الأول : توكيد لفظي ، وهو نوعان :
·      أولهما : توكيد لفظي بإعادته .
مثاله في الأفعال : (جَاء جاءَ زَيْدٌ) .
ومثاله في الأسماء : (جاء زَيْدٌ زيْدٌ)
·      وأما الثاني : فتوكيد باتباع اللفظ بمرادفه .
ومثاله : جاء أقبل زَيْدٌ .
وأما النوع الثاني : فتوكيد معنوي :
وهو إتباع اللفظ بواحدٍ من ألفاظ تأتي كـ(النفس) و(العين) و(كل) ونحوها .
ب‌.  أمثلة القواعد التي تقوم على الطريقة الاستقرائية الموجودة في كتاب  البلاغةُ الواضِحَةُ  تأليف علي الجارم و مصطفى أمين  
الأمثلةُ :
(1) قال المَعَرِّيُّ في الْمَديح:
أَنْتَ كالشَّمْس في الضِّياءِ وإِن جا … …وَزْتَ كيوانَ فِى عُلُوّ المكان 
(2) وقال آخرُ:
أَنْتَ كاللَّيْثِ في الشَّجَاعةِ والإقْدام وَالسَّيْفِ في قِراعِ الخُطوب
(3) وقال آخرُ:
كأَنَّ أَخْلاقَكَ فِي لُطْفِها … …ورقَّةٍ فِيها نَسِيمُ الصَّباحْ
(4) وقال آخرُ:
كأَنَّما الْماءُ فِي صفاءٍ … …وَقَدْ جَرَى ذَائِبُ اللُّجَيْن
----------------
في البيت الأَول عَرفَ الشاعِرُ أَن مَمْدُوحَه وَ ضِيءٌ الوجهِ مُتَلألئُ الطلعة، فأَراد أن يأْتي له بمَثِيل تَقْوَى فيه الصفةُ، وهي الضياء والإشراقُ فلم يجد أقوى من الشمس، فضاهاه بها، ولبيان المضاهاة أتي بالكاف.
وفي البيت الثاني رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفَيْن، هما الشجاعة ومصارعة الشدائد، فَبحَث له عن نَظيرَيْن في كلٍّ منهما إِحدى هاتين الصفتين قويةً، فضاهاه بالأسدِ في الأولى، وبالسيف في الثانية، وبيَّن هذه المضاهاة بأَداة هي الكاف.
وفي البيت اِلثالث وجَدَ الشاعرُ أخلاق صَدِيقِه دمِثَةً لَطِيفَةً تَرتاحُ لها النفسُ، فَعملَ على أنْ يأْتي لها بنظير تَتَجَلَّى فيه هذه الصَّفة وتَقْوَى، فرأَى أنَّ نسيمَ الصباح كذلك فَعَقَدَ المماثلة بينهما، وبيَّن هذه المماثلة بالحرف "كأن".
وفي البيت الرابع عَمِل الشاعِرُ على أَنْ يَجدَ مثيلاً للماء الصافي تَقْوَى فيه صِفَةُ الصفاء، فرأَى أَنَّ الفضة الذائبةَ تَتجلَّى فيها هذه الصفةُ فماثل بينهما، وبيَّن هذه المماثلة بالحرف "كأنَّ".
فأَنتَ ترى في كل بيت من الأبيات الأَربعة أَنَّ شيئاً جُعِلَ مَثِيلَ شيء في صفةٍ مشتركة بينهما، وأَنَّ الذي دلّ على هذه المماثلة أَداةٌ هي الكاف أَو كأَن، وهذا ما يُسَمَّى بالتشبيه، فقد رأَيتَ أَن لا بدَّ له من أَركان أَربعة: الشيء الذي يراد تشبيهه ويسمَّى المشبَّه، والشيءَ الذي يُشَبَّه به ويُسمَّى المشبَّه به، (وهذان يسميان طرفي التشبيه)، والصفةُ المشتركة بين الطرفين وتسمَّى وجه الشَّبَه، ويجب أَنْ تكون هذه الصفةُ في المشَبَّه به أَقوى وأَشهَرَ منها في المشبَّه كما رأَيت في الأمثلة، ثم أداةُ التشبيه وهي الكاف وكأَن ونحوهما.
ولا بدَّ في كل تشبيهٍ من وجود الطرفين، وقد يكون المشبَّه محذوفاً للعلم به ولكنه يُقَدَّرُ في الإِعراب، وهذا التقدير بمثابةِ وجوده كما إذا سُئِلت "كيفَ عليٌّ"؟ فقلت: "كالزهرة الذابِلةِ" فإِن "كالزهرة" خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير هو الزهرة الذابلةُ، وقد يحذف وجه الشَّبه، وقدْ تحذف الأداة. كما سَيُبَين لك فيما بعد.
(1) التشْبيهُ:ْ بَيانُ أَنَّ شَيْئاً أَوْ أشْياءَ شارَكَتْ غيْرَها في صفةٍ أوْ أَكْثرَ، بأَداةٍ هِيَ الكاف أَوْ نحْوُها ملْفوظةً أَوْ ملْحُوظةً.
(2) أَركانُ التَّشْبيهِ أرْبعةٌ، هيَ: المُشَبَّهُ، والمشُبَّهُ بهِ، ويُسَمَّيان طَرَفَي التَّشبيهِ، وأَداةُ التَّشْبيهِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ، وَيَجبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى وَأَظْهَرَ فِي الْمُشبَّهِ بهِ مِنْهُ فِي الْمُشَبَّهِ.
قال الْمعَريُّ:
رُبَّ لَيْل كأَنَّه الصُّبْحُ في الْحُسـ … …ـن وإنْ كانَ أَسْوَدَ الطِّيْلَسان 
وسهيْلٌ كَوجْنَةِ الْحِبِّ في اللَّوْ … …نِ وقَلْبِ الْمُحِبِّ فِي الخفقان 
الجواب ُ
المشبه
المشبه به
الأداة
وجه التشبه
الضمير في كأَنه العائد العائد على الليل
الصبح
كأَن
الحسن
سهيل
وجنة الْحب
الكاف
اللون والاحمرار  
سهيل                                              
قلب المحب
الكاف "مقدرة"
الخفقان
(1) بَيِّنْ أَركان التشبيه فيما يأتي:
(1) أَنْت كالبحْر في السَّماحةِ والشَّمْـ … …ـسِ عُلُوًّا والْبدْر في الإِشراقِ 
(2) العُمْرُ مِثْلُ الضَّيْفِ أَوْ … …كالطِيْفِ لِيْس لَهُ إِقامةْ
(3) كلامُ فلانٍ كالشَّهْدِ في الحلاوة  .
(4) الناسُ كأَسْنان المُشْطِ في الاستواء.
(5) قال أَعرابيٌّ في رجل: ما رأَيتُ في التوقُّدِ نَظْرةً أَشْبَهَ بِلَهيب النارِ من نظْرته.
(6) وقال أَعرابيٌّ في وصف رجلٍ: كانَ له عِلْمٌ لا يخالطه جَهْلٌ، وصِدْق لا يَشُوبه كَذِبٌ، وكان في الجُودِ كأَنهُ الوبْلُ عَنْد المحْلِ   .
(7) وقال آخرُ:
جاءُوا علَى خَيل كأَنَّ أَعْناقَها في الشُّهرة أَعلام  ،وآذانَها في الدِّقَّةِ أَطرافُ أَقلام، وفرْسانها في الجُرْأَةِ أُسُودُ آجام   .
(8) أَقوالُ الملوك كالسيوف المواضي في القَطع والبتِّ  في الأُمور.
(9) قلبُهُ كالحجارةِ قَسْوةً وصلابةً.
(10) جبِينُ فلانٍ كَصفْحةِ المِرْآة صفاءً وتلأْلؤًا.
(2) كَوِّن تشبيهاتٍ من الأَطراف الآتية بحيث تختارُ مع كلِّ طَرفٍ ما يناسبه:
 العزيمةُ الصادقة، شجرةٌ لا تُثْمر، نَغَمُ الأَوْتار، المطَرُ للأَرض. الحديثُ المُمْتِع، السيفُ القاطع، البخيِلُ، الحياة تدِبُّ في الأَجسام.
(3) كوِّنْ تشبيهاتٍ بحيث يكون فيها كلٌّ مما يأْتي مُشبّهاً:
القِطار … - الهرمُ الأَكبر … - الكِتاب     -    الحصِان
المصابيح …- الصَّدِيق المُعلِّم ……-الدَّمع
(4)اجْعل كلَّ واحدٍ مما يأْتي مُشبَّهاً به:
بًحْر – أسَد - أُمُّ رؤُم  - نسيم عليل- مِرْآةٌ صافيةٌ - حُلْمٌ لذيذ
(5) اِجعل كلَّ واحد مما يأْتي وجْهَ شَبَهٍ في تشبيهٍ من إنشائك، وعيِّن طَرفي التشبيه:
البياضُ – السواد – المرارة - الحلاوة – البُطءُ – السْرْعة - الصلابة
(6) صف بإِيجاز سفينةً في بحر مائجٍ، وضمِّنْ وصفَك ثلاثة تشبيهات.
(7)اشرح بإِيجاز قول المتنبي في المديح. وبيِّن جمال ما فيه من التشبيه:
كالبَدْرِ من حَيثُ التَفَتَّ رَأيْتَهُ              يُهْدي إلى عَيْنَيْكَ نُوراً ثاقِبَا
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً         جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها  يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا





المراجع
البلاغة الواضحة لعلي الجارم ومصطفى أمين
أساليب تدريس اللغة العربية لمحمد علي الخولي
طرق تدريس اللغة العربية : جودت الركابي  
 طرق تعليم اللغة العربية : د/ محمد عبدالقادر احمد
 الموجه العلمي لمدرس اللغة العربية : عابد توفيق الهاشمي
 الموجة الفني لمدرسي اللغة العربية : عبدالعليم ابراهيم
مذكرة بعنوان ( الأهداف السلوكية مفهومها واستخدامها في اللغة العربية )
 للاستاذ : عبدالرحمن بن سعد الحقباني
إعداد الأستاذ / راشد بن محمد الشعلان مشرف اللغة العربية في مركز اشراف الوسط التربوي
بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض

0 comments:

Copyright © 2013. BloggerSpice.com - All Rights Reserved
Customized by: MohammadFazle Rabbi | Powered by: BS
Designed by: Endang Munawar